يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} الأعراف: ٢٠٠، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} الأعراف: ٢٠١ (١).
وأمَّا صفةُ زلَّة آدمَ عليه السلام؛ فقد ذكر الإمام أبو منصورٍ -رحمه اللَّه- أنَّ الحسنَ البصريَّ قال: إنَّه تعمَّد ذلك، وقوله تعالى: {فَنَسِيَ} كان نسيانَ تضييعٍ لا نسيانَ ذكرٍ؛ لأوجُهٍ:
أحدها: ما جرى في حكمِ اللَّه تعالى مِن العفو عن النسيان الذي هو تَركُ الذِّكر، وأنْ لا يَلحقَ صاحبَه اسمُ العصيان، وقد أُخذ هو به ووُصف بأنَّه عصَى وغوى، وقد تقدَّم في خطابهما: {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}.
ولأنَّ عدوَّه قد ذكَّره لو كان ناسيًا، حيث قال: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ} الأعراف: ٢٠، {وَقَاسَمَهُمَا} الأعراف: ٢١، {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُور} الأعراف: ٢٢، ولو كان نسيانَ ذِكرٍ لَمَا اغترَّا بالقَسَم، وهو كقوله: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} التوبة: ٦٧، وفسَّر هو قوله: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} طه: ١١٥؛ أي: لم نَجده مِن أولي العزم والثبات على حفظ الأمر والنهي (٢).
وهذا كلُّه وحشٌ مِن الكلام لا يجوز أنْ يُوصف بمثله (٣) الأنبياءُ؛ فإنَّ اللَّه تعالى اصطفاهم واختارهم على علمٍ بهم، قال تعالى: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} الدخان: ٣٢ وقال: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} الأنعام: ١٢٤.
وفي حقِّ آدمَ ذكَر خصائصَ وكراماتٍ ومراتبَ ومقاماتٍ يجب تَنزيهُه
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٤٣٥).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٤٢٧ - ٤٢٨).
(٣) في (ر) و (ف): "به".