وقال سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}: في الدنيا، الاختبارُ بالأمرِ والنَّهْيِ، والإحياء والإماتة، والإعطاء والمنع، وفي الآخرة الجزاءُ والحساب، والثَّوابُ والعِقاب (١).
وقيل: هو في سَوْق المقاديرِ التي سبَقَتْ في عِلْمِه إلى مَواقيتِها.
* * *
(٣٠ - ٣١) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٠) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ}.
{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: مِن هذه النِّعَمِ.
وقولُه تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ}: قال ابنُ عبَّاسٍ: سنُحاسِبُكم (٢). وكذلك قُطْرُبٌ.
وقال الضَّحَّاكُ: هذا وعيدٌ، واللَّهُ تعالى لا يَشْغَلُه شأنٌ عن شأنٍ.
والحاصِلُ: أنه استعارةٌ بليغةٌ، فإنَّ الواحدَ إذا قُصِدَ لأمرٍ مُهِمٍّ يُمْضِيه (٣) لا محالةَ، ويُتِمُّه مِن غير نُقْصانٍ، يقولُ: أتفرَّغُ لذلك الأمرِ، فخاطَبَ اللَّهُ تعالى بذلك عِبادَه فيما (٤) يتفاهَمونه، يعلمون أنَّه مِن المُهِمِّ الذي لا يُتْرَكُ، ومن المفعول الذي لا يُغْفَلُ.
(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٨٤)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٤٤٦)، والزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٤٤٧).
(٢) علقه البخاري قبل الحديث (٤٨٧٨) بصيغة الجزم.
وروى الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٢١٦)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (١٠٢٧) قوله: وعيد من اللَّه للعباد، وليس باللَّه شغل، وهو فارغ. وبنحوه ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٨٥)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٤٤٧).
(٣) في (أ): "يصيبه".
(٤) في (أ): "وهم".