ثمَّ يُنطَلَقُ بهم إلى الزَّقُّوم، فإذا أكلوه غَصُّوا به، فيُنَادُون ألفَ سنةٍ: واعطشاه، ثمَّ يُنْطَلقُ بهم إلى الحميم، فذلك قوله: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ}؛ أي: على الجوعِ (١).
ويُقال: على الأكل.
وقال السُّدِّيُّ: بلغني أنَّ أهلَ النَّارِ إذا أكلوا الزَّقُّوم غصُّوا، فذكروا أنَّهم كانوا في الدُّنيا إذا أكلوا فغَصُّوا سوَّغوه بالماء، فيُنْطَلقَ بهم إلى الحميم ليشربوا، فإذا رفعَ أحدُهم الماءَ إلى فيه سقطَ لحمُه في الإناءِ، ثمَّ يعيدُه اللَّهُ تعالى (٢).
* * *
(٥٦ - ٥٩) - {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}.
{هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ}: أي: طعامُهم وشرابُهم يومَ الجزاء والحساب.
{نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ}: وأنتم بهذا مقرُّون {فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ}؛ أي: فَهَلَّا تصدِّقون بالبعث بعدَ الموت، وهو كابتداء الإنشاء، وهذا خطابٌ لمشركي مكَّة.
قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ}: أي: أخبروني عمَّا تُلقون مِن المنيِّ في أرحام نسائِكم.
(١) لم أقف عليه على جابر، لكن روي معناه من حديث أبي الدرداء رضي اللَّه عنه مرفوعًا وموقوفًا، فالمرفوع رواه الترمذي (٢٥٨٦) ولفظه: "يلقى على أهل النار الجوع فيَعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغَصَص في الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد، فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم، فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم. . " الحديث. وقد تقدم بتمامه مع تخريجه وبيان حاله عند قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} المؤمنون: ١٠٨.
(٢) لم أقف عليه. وانظر حديث أبي الدرداء السابق.