(٦٢ - ٦٤) - {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى}: قال مقاتلٌ رحمَه اللَّه: أي: الخلقَ الأوَّل، وهو خلقُ آدم، لا تسألُ أحدًا مِنَ النَّاس إلَّا أنبأكَ أنَّ اللَّهَ خلقَ آدمَ مِن ترابٍ (١).
وقال مقاتل: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى}: أنَّ اللَّهَ خلقَكم نطفةً، ثمَّ علقةً، ثمَّ مضغةً (٢).
قال الحسنُ رحمه اللَّه: ولقد علمْتُم أنَّا خلقناكم ولم تكونوا شيئًا، ثم جعلناكم لحمًا ودمًا وعظمًا وروحًا (٣).
{فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ}: فهَلَّا تتأمَّلون فيه، فتعلَموا وتتَّعظِوا.
وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ}: حاجَّهم بأمرٍ آخرَ فقال: أخبروني عمَّا تحرثون مِن أراضيكم، فتطرحون فيها البَذْر.
{أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ}: أي: تنبتونه وتجعلونَه (٤) زرعًا يكون فيه الحبُّ والسُّنبل.
{أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}: أي: أم نحن نفعلُ ذلك؛ أي: أنتم مقرُّون لو جهدْتُم وجهدَ جميعُ العالم لم يتهيَّأ لكم ولهم إنباتُ ذلك وإخراجُه، فقد علمْتُم أنَّ اللَّهَ تعالى يفعلُ ذلك، ومَن قدرَ على هذا كيف أحلْتُم قدرَتَه على إخراجِ الموتى مِن الأرضِ أحياءً بعدَ أنْ صاروا رَميمًا.
* * *
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٤٧) عن قتادة.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٢٢٢).
(٣) ذكره مقاتل في "تفسيره" (٤/ ٢٢٢) دون نسبة.
(٤) في (أ): "وتخلقونه".