{فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ}: أي: فَهَلَّا تشكرون لي بإخلاصِ العبادةِ، فَلِمَ تنكرون قدرتي على إحياء الموتى؟
* * *
(٧١ - ٧٢) - {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ}.
{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ}: وهذه محاجَّة أخرى في تقريرِهم بنعمِه وتنبهيهِم على قدرَته.
يقول: أخبروني عن النَّار الَّتي تورونَ تُظْهِرونها بالقَدْحِ مِن الشَّجرِ الرَّطْبِ {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا}؛ أي: خلقْتُم الشَّجرة الَّتي تستخرجونَ منها النَّار {أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ}؛ أي: الخالقون.
وقد وَرَى الزَّنْدُ -أي: خرجَتْ نارُه- وَرْيًا، وأَوْراها القادِحُ يُوْرِي إيراءً؛ أي: أخرجَها.
وشجرُ النَّارِ كانت معروفةً عندهم، وكانوا يقولون: في كلِّ شجرٍ نارٌ، واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَارُ (١).
وقال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: ما مِن شجرٍ ولا عودٍ إلَّا وفيه النَّار، سوى العُنَّاب، فإنَّ عودَه لا نارَ فيه؛ قال اللَّه تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} يس: ٨٠ (٢).
(١) انظر: "الأمثال" لأبي عببد (ص: ١٣٦)، و"الكامل" للمبرد (١/ ١٧٢)، و"المستقصى في أمثال العرب" (٢/ ١٨٣ - ١٨٤)، وفيه: المرخ والعفار: هما شجرتان من أسرع الشجر خروج نار، والاستمجاد: الاستكثار من المجد، وهو كثرة الشرف، ومعناه: أنهما أخذا الفضل وذهبا بالمجد. يضرب في تفضيل بعض القوم على بعض إذا كانوا كلهم ذوي خير، ولبعضهم مزية وتقدُّم ليس للآخرين.
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٨/ ٥٢٨) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، والثعلبي في "تفسيره" =