وقيل: {مَكْنُونٍ}: مخزونٍ عن البشرِ، لا يعلِّمُهُ اللَّهُ تعالى إلَّا لملائكتِه، ثمَّ أَطْلعَ اللَّهُ عليه مَن شاءَ مِن رسلِه.
وقيل: {مَكْنُونٍ}: لا يصلُ إليه مِن الملائكةِ إلَّا مَن أذنَ اللَّهُ له في المصيرِ إلى موضعِه، وقالوا: إنَّ إسرافيلَ هو الموكَّل بذلك.
قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}: قيل: هو صفةُ الكتابِ الذي عندَ اللَّه؛ أي: لا يمسُّه إلَّا ملائكتُه المطهَّرون مِن أدناسِ الخطايا.
وقيل: هو صفةُ القرآن؛ أي: لا يُنزلُه إلَّا الملائكة المطهَّرون، ولا يصل إليه في الإنزالِ الشَّياطينُ النَّجسون (١).
وقال قتادةُ: لا يمسُّ القرآنَ عندَ اللَّهِ تعالى إلَّا المطهَّرون مِن الملائكةِ، فأمَّا عندكم فيمسُّه المشرك والمنافق (٢).
وقيل: هو على الحُكم؛ أي: ولا ينبغي أنْ يمسَّه إلَّا المطهَّرون مِنَ الأحداث والجنابة والحيض والنِّفاس.
وفي كتاب النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعَمرِو بنِ حزمٍ إلى أهل اليمن: "لا يمسُّ القرآنَ إلَّا طاهرٌ" (٣).
(١) في (ر) و (ف): "المنجسون".
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣١٤٨)، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٦٦).
(٣) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ١٩٩)، ومن طريقه أبو داود في "المراسيل" (٩٣) عن عبد اللَّه بنِ أبي بكرِ بن حَزْمٍ: (أنَّ في الكتاب الذي كَتبَه رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعَمْرِو بنِ حَزْمٍ. . .) فذكره، وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (٩٢) (٩٤) من طرق أخرى مرسلا وقال: روي هذا الحديث مسندًا ولا يصح.
وهو جزء من كتاب كتبه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أقيال اليمن، ورواه بطوله موصولًا ابن حبان في "صحيحه" (٦٥٥٩)، والحاكم في "المستدرك" (١٤٤٧) وصححه، عن أبي بكرِ بن محمدِ بن عَمْرِو بن حَزْمٍ، =