وقيل: معناه: فيُقالُ لهذا المقبوضِ عند الموت: فسلامٌ لَكَ إنَّك مِن أصحاب اليمين؛ أي: سلامةٌ لكَ ممَّا تَخاف.
وقيل؛ أي: فسلامٌ عليك، وهو سلامُ الملائكةِ عليه حينئذٍ.
وقيل: هو بشارةٌ له بالسَّلامِ مِن الملائكةِ في الجنَّة، وسلامِ اللَّهِ فيها بلا واسطةٍ.
قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ}: وهمُ الصِّنفُ الثَّالثُ، وهم أصحاب المشأمة، وهم الَّذين قيل لهم في هذه السُّورة: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ} الواقعة: ٥١.
{فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ}: أي: فرزقُه الَّذي يُعَدُّ له (١) وطعامُه الَّذي يُعطاهُ مِن حَمِيمٍ، وهو الماءُ الحارُّ الَّذي فسَّرناه.
* * *
(٩٤ - ٩٥) - {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ}.
{وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ}: أي: إدخالٌ فيها.
ورُوي عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "مَن أحبَّ لقاءَ اللَّهِ أحبَّ اللَّهُ لقاءَهُ، ومَن كرِهَ لقاءَ اللَّهِ كرِهَ اللَّهُ لقاءَهُ"، فأنشأ القومُ يبكون، فقال: "ما يبكيْكُم؟ "، فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ما منَّا أحدٌ إلَّا وهو يبغضُ الموتَ، فقال: "إنِّي لسْتُ ذلك أعني، ولكن يقولُ اللَّهُ تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} إلى قوله: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فهذا في الدُّنيا، {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيم}، فإذا بُشِّرَ بذلكَ أحبَّ لقاءَ اللَّهِ، واللَّهُ تعالى للقائِهِ أحَبُّ، فما يسرُّهُ أنَّ له الدُّنيا بما فيها وأنَّه يُرَدُّ إليها، {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ} الآية، فإذا بُشِّرَ بالنَّار أبغضَ لقاءَ اللَّهِ، واللَّهُ للقائِهِ أبغضُ" (٢).
(١) في (ر) و (ف): "أعده له".
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١٨٢٨٣) من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل سمع =