وقال سفيان: قال آدم: يا ربِّ، بمعرفتي أنَّه لا يَسعى ساعٍ إلَّا بمشيئتك وقدرتك (١) أنْ تَغفر لي، فغفر له.
وقيل: قال: يا ربِّ، ما خُدعْتُ إلَّا بك، فقال: صدقْتَ، وتاب عليه.
وقيل: هي هذا الدعاء: اللَّهمَّ إنَّك تَعلم سرِّي وعلانيتي فاقْبَل معذرتي، وتَعلم حاجتي فأَعطني سؤلي، وتَعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي، اللَّهمَّ إنِّي أَسألك إيمانًا يُباشر قلبي، ويقينًا صادقًا حتى أعلمَ أنَّه لا (٢) يصيبُني إلَّا ما كتبْتَ لي، ورضِّني بما قسمتَ لي، قال اللَّهُ تعالى: يا آدمُ مَن دعاني (٣) مِن ذرِّيَّتك بهذا غفرتُ له ذنوبه (٤).
وقيل: أوحى اللَّهُ تعالى إليه: أنَّ مَن أَذنب ذنبًا صغيرًا أو كبيرًا، ثم ندم واعتذرَ وعزم أنْ لا يعود، فإنِّي أتوبُ عليه، فتلقَّى آدمُ هذا مِن ربِّه، فقَبِله وعمل به، فتاب عليه.
وقيل: هي الأوامر والنواهي قَبِلها وائتمرَ بما أُمر وانتَهى عمَّا نُهي، فغفر له؛ ودليله قولُه تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} البقرة: ١٢٤.
وقيل: هي قولُهما: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وهو قول مجاهدٍ وسعيد بنِ المسيب والحسن والربيع بنِ أنس (٥).
وقال ابنُ عباسٍ والسديُّ: قال: ربِّ خلقتني بيدك، ونفخت فيَّ مِن روحك،
(١) في (أ) و (ف): "وقدرك".
(٢) في (أ): "لن".
(٣) في (أ): "يا آدم من قالها" وفي (ف): "من قال".
(٤) روي من حديث عائشة رضي اللَّه عنها مع بعض زيادة فيه، وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (٢/ ١٨٩): هذا حديث منكر.
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٥٨٤ - ٥٨٦) عن مجاهد وقتادة وابن زيد.