{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ}؛ أي: وخلقْتُ الحديدَ آلةً للقتالِ، وإقامةً للسِّياسةِ؛ ليكفَّ به المجاوز لقسطِه عن ظلمِه.
وقيل: أنزلَ اللَّهُ تعالى مع آدمَ عليه السلام العَلَاةَ والكَلْبَتانِ (١) والمِطْرَقة.
والمنافع في الحديد سوى إمكان القتال به: أنَّه لا بُدَّ منه في كلِّ شيءٍ مِن الصِّناعات حتَّى صناعةِ الحديد، وذلك قوله تعالى:
{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ}: وهو القتال {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}: وهو ما قلْنا، وهو مُتَّصلٌ بما مرَّ مِن الحثِّ على الجهاد.
{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ}: وليُظهِرَ اللَّهُ للعبادِ مَن ينصرُ دينَ اللَّهِ تعالى للقتال عنه.
وقيل: ليَعلمَ أولياءُ اللَّهِ.
وقيل: ليعلمَ اللَّهُ موجودًا ما علمَهُ في الأزلِ أنَّه يُوْجَدُ.
قوله: {بِالْغَيْبِ}: أي: تصديقًا بما وُعِدَ (٢) عليه بالغيب.
وقيل: بغيبةِ مَن يراه؛ أي: يفعله عن إخلاص، لا كالمنافق يفعلُه إذا رآه النَّاس، ولا يفعلُه إذا غابَ عنهم.
والواو في: {وَلِيَعْلَمَ} إمَّا أنْ تُجعَلَ مُقحَمةً، أو يزاد في آخرِه: وليعلمَ اللَّهُ ذلك فعَل ذلك.
{إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}: أي: {قَوِيٌّ} على مُجازاةِ مَن أخلصَ منهم ومَن نافقَ، {عَزِيزٌ}: منيعٌ لا يُغالَب ولا يعارَض فيما يريدُه مِن ذلك.
(١) العلاة: السندان الذي يضرب عليه الحداد حديده، والكلبتان: ما يأخذ به الحداد الحديد المحمى.
(٢) في (ر): "وجد".