{ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ}: يعني: بنو النَّضير ذاقوا وبال بغيهم على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتَّكثُّر بجمعهم وأموالهم.
وقال مجاهد: هم الذين قُتلوا ببدر (١).
وقيل: أي: مَثَل هؤلاء في الاعتماد على المنافقين والاغترارِ بهم كمَثَل مشركي قريش في اغترارهم بالشَّيطان إذ قال لهم: {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} الآية الأنفال: ٤٨.
وقيل: أي: مَثَل هؤلاء كمَثَل الأمم الذين من قبلهم، كذَّبوا أنبياءَهم، وتمرَّدوا على ربِّهم، ممَّن كان قريبًا إهلاكُ اللَّه إيَّاهم لم يَبْعدْ عنهم. هذا معنى قول الحسن.
{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} في الآخرة.
و {قَرِيبًا} صلةُ {ذَاقُوا} على هذا القول، وهو قربُ الزَّمان من هؤلاء على الأقاويل المتقدمة.
ومعنى: {ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ}؛ أي: قاسوا ضرر معصيتهم.
وقيل: الآية في شأن بني قريظة، وتشبيهِ حالهم ببني النَّضير.
قال الكلبيُّ رحمه اللَّه: لَمَّا سار أبو سفيان إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأحزاب غدر بنو قريظة بنبيِّ اللَّهِ، ونقضوا العهد، فلمَّا هُزِمَ الأحزابُ أمرَ اللَّه نبيَّه بقتال بني قريظة، فأرسل المنافقون إليهم وقالوا: إنْ أرادَ محمَّد أن يخرجَكم كما أخرج بني النَّضير فلا تخرجوا، فواللَّه إنْ أخرجْتُم لنخرجنَّ معكم، وإنْ قوتلْتُم لننصرنَّكم، فغرَّهم ذلك، ولزموا حصثهم، وقاتلوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قريبًا من شهرٍ، {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} الحشر: ٢؛ أي: في قلوب المنافقين فلم ينصروهم، فلمَّا رأى اليهودُ
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٥٤٠)، ولفظه: "كفار قريش".