وقوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ}: انتظامُه بختمِ قصَّة آدم عليه السلام: أنَّه وعد متَّبعَ الهدى بالجنة، ومخالِفَه بالعقوبة، وحثَّهم في هذه الآية على الوفاء بعهده، وهو الإيمان به والطاعة؛ ليُوْفيَ بعهدهم وهو إدخالُ الجنة، فقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} البقرة: ٤٠ وقد قال: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} التوبة: ١١١ بعد قوله: {بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} التوبة: ١١١.
وانتظامُه بتمام قصَّة آدمَ: أنَّ اللَّه تعالى عدَّد علينا نِعَمَه على أبينا، وعدَّد على بني إسرائيل نِعَمه على أنبيائهم (١).
وانتظامُه بما قبل قصَّة آدمَ: أنَّه قال: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} ثم أمرنا هاهنا بالوفاء بعهدِ اللَّه.
وقوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ}؛ أي: يا أولادَ يعقوبَ، وأصله: بنين، وهو جمعُ ابنٍ، وسقطت النونُ للإضافة، والبنونَ اسمٌ للذكورِ والإناثِ مِن الأولاد إذا اجتمعوا (٢)، كنعتِ الرجالِ يشمل الذكورَ والإناثَ إذا اجتمعوا.
وإسرائيل: اسمُ يعقوبَ، قال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: (إسرا) بالعبرانية: عبدٌ، و (إيل) هو: اللَّه، ومعناه: عبدُ اللَّه (٣)، وفيه أقاويلُ أُخرُ لا يُعتمد عليها.
وقوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ}: يجوز أن يكون أمرًا بالذُّكر -الذي هو مضمومُ الذال- وهو بالقلب خاصَّةً، وهو الحفظُ الذي يضادُّ النسيانَ، ويجوز أْن يكون أمرًا بالذِّكر -الذي هو مكسور الذال- وهو يقع على الذِّكر باللسان والذِّكر
(١) في (أ): "آبائهم".
(٢) في (أ): "جمعوا".
(٣) انظر: "النكت والعيون" (١/ ١١٠)، والخبر رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٥٩٣).