(٦ - ٧) - {قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.
{قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}: يقول: يا أيُّها اليهود، إن قلْتُم ظانِّين: إنَّكم أولياء اللَّه من دون الأميِّين وغيرهم ممَّن ليس من بني إسرائيل، فإنَّ لأولياء اللَّه عند اللَّه كرامةً ومنزلة، {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} لتصيروا إلى الآخرة، فتنالوا ذلك {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في دعواكم أنَّكم أولياء اللَّه.
قوله تعالى: {وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}: أي: ولا يتمنَّونَ الموتَ قطُّ بما عملوا من السَّيِّئات وقدَّموها، واستحقُّوا بها مَقْتَ اللَّه دون ولايته.
{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}: وما قدَّموه من الظُّلم والمعاصي.
وفيه دلالةٌ صحَّة نبوَّة محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ حيث أخبر، فكان كما أخبر، وهو باطنٌ، فدلَّ أنَّه باللَّه عَلِم ذلك.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ}؛ أي: قولوا: اللَّهم أمتْنا (١).
وقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نفسي بيدِه لا يقولها أحدٌ منهم إلَّا غصَّ بريقِه وماتَ مكانَه" (٢).
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٢٧٢) في تفسير قوله تعالى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} البقرة: ٩٤.
(٢) رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٦/ ٢٧٤) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما بلفظ: "لا يقولها رجل منكم. . . "، وهو من طريق محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح، وتسمى سلسلة الكذب. لكن رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ١٧٧) عن ابن عباس موقوفًا بلفظ: "لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه"، وإسناده صحيح كما قال ابن كثير عند تفسير الآية.
وروى الإمام أحمد في "المسند" (٢٢٢٥)، والبزار في "مسنده" (٤٨١٤)، والنسائي في "السنن =