وقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ}؛ أي: اللَّائي انقطع رجاؤهنَّ لكبرهنَّ من أن يريْنَ دمًا من زوجاتكم المدخول بهنَّ.
{إِنِ ارْتَبْتُمْ}: أي: شككْتُم في حكم عدتهنَّ أنهنَّ (١) بماذا يعتددْنَ؟
{فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ}: مُقام ثلاثة قروء في التي تحيض.
{وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}: من الصِّغار اللَّاتي لم يبلغْنَ، واللَّائي بلغْنَ بغير الحيض، كذلك يعتددْنَ بثلاثة أشهر.
{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ}: أي: والمطلَّقات الحوامل.
{أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}: وهو اسم لكلِّ ما في البطن من الولد، واحدًا كان أو أكثر، تنقضي عدَّتها كذلك.
قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: لَمَّا نزل قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة: ٢٢٨ قال معاذ بن جبل رضي اللَّه عنه: يا رسول اللَّه، لو كانت المرأة آيسة لا تحيض، كيف تعتدُّ؟ فنزل: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} الآية، فقام رجل آخر فقال: لو كانت صغيرة فكيف عدَّتها؟ فنزل: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ}، فقام آخر وقال: لو كانت حاملًا فكيف عدَّتها؟ فنزل: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٢).
فأمَّا الحامل المتوفَّى عنها زوجها فكذلك تنقضي عدَّتها بوضع حملها؛ لِمَا رُوي أنَّ سبيعة بنت الحارث وضعَتْ بعد وفاة زوجها بعشرين يومًا، فمرَّ بها أبو السَّنابل بن بَعْكَك، فقال لها: أتريدين أن تتزوَّجي؟ قالت: نعم، قال: لا، حتى يأتيَ
(١) "أنهن" ليس في (أ).
(٢) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٤٦٢)، وذكره مختصرًا الواحدي في "البسيط" (٢١/ ٥٠٩).