مَن عَمِل (١) بها إلى يوم القيامة" (٢)، وذلك (٣) أنَّه عليه الصلاة والسلام قَدِمَ المدينةَ، فكذَّبه يهودُ المدينة، ثم بنو قريظة وبنو النضير، ثم خيبر ثم فَدَك، ثم تتابعت (٤) على ذلك سائرُ اليهود.
وقوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}: قد فسَّرنا الاشتراءَ في تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} البقرة: ١٦ ومعناه هاهنا:
لا تَأخذوا على تعليم الكتاب أجرًا، وهذا قول أبي العالية، وكان مكتوبًا عندهم في الكتاب الأول: يا ابنَ آدمَ علِّم مجانًا كما عُلِّمت مجانًا.
وقال الحسن: أي: لا تأخذوا على تغييرِ كتابكم وتبديلِه ثمنًا.
وقال السدِّي: أي: لا تأخذوا طَمعًا على كتمانِ ما فيه مِن ذِكر محمَّدٍ وتصديقِ القرآن (٥).
وقصَّة نزولها: أنَّ كعبَ بنَ الأشرف قال لأحبارِ اليهود: ما تقولون في محمَّدٍ؛ فقالوا: إنَّه نبيٌّ، فقال لهم: كان لكم عندي صلةٌ وعطيَّة لو قلتُم غيرَ هذا، قالوا: أَجبناكَ مِن غير تفكُّرٍ فأَمْهِلنا حتى نتفكَّرَ وننظرَ في التوراة، فخرجوا وبدَّلوا نعتَ المصطفى بنعتِ الدَّجَّال لعنه اللَّه، ثم رجعوا وقالوا ذلك، فأعطى
(١) في (ف): "يعمل".
(٢) رواه بنحوه مسلم (١٠١٧)، والإمام أحمد في "المسند" (١٩٢٠٢)، من حديث جرير بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه.
(٣) في (ف): "ودل على"، وفي (ر): "فدل على"، بدل: "وذلك".
(٤) في (ف): "تبايعت"، وفي هامشها كالمثبت.
(٥) انظر هذه الأقوال في "النكت والعيون" (١/ ١١٢)، وقول أبي العالية والسدي رواهما الطبري في "تفسيره" (١/ ٦٠٤).