(٢١ - ٢٢) - {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ}: أي: اللَّهُ تعالى {رِزْقَهُ} الذي خَلق لكم في الأرض، التي جعلَها لكم ذلولًا.
{بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ}: أي: ليس اغترارُهم للجهل بأنَّ اللَّه تعالى هو الخالق الرَّازق الضَّارُّ النَّافع، لكنْ تمادَوا في تمرُّدهم (١) ونفورهم عن الحقِّ.
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ}: أكبَّ (٢) على وجهه لازم، وكبَّه متعدٍّ، وهو كقولهم: أَنْعَش -أي: قام- لازم، ونعَّشه متعدٍّ، وهذا من النَّوادر، أَفْعَلَ لازم، وفَعَّلَ متعدٍّ.
وقريب من هذا: أضرَّ به وضرَّه.
ثمَّ ضرب مَثَلَ الكافر والمؤمن فقال: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ}؛ أي: منكِّسًا رأسَه، ناظرًا إلى الأرض، لا يبصر ما بين يديه، ولا ما عن يمينه، ولا ما عن شماله، ولا يدري ما يستقبله أو يلقاه من هذه الجهات، فهو على خطر.
{أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا}: أي: مستويًا منتصبًا، يُبصر مِن كلِّ الجهات (٣).
{عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}: ولا شكَّ أنَّ الماشي مستقيمًا منتصبًا أهدى.
يقول: فهكذا فكونوا أيُّها النَّاس.
قال قتادة: هذا الكافر أكبَّ على معاصي اللَّه تعالى في الدُّنيا، فحشره اللَّه يوم القيامة على وجهه، والمؤمن استقام على أمر اللَّه تعالى في الدُّنيا فبعثه اللَّه تعالى عليه
(١) في (ر): "غرورهم".
(٢) في (أ): "أي" بدل من "أكب".
(٣) في (أ): "جهاته".