وبعضهم على قلم الملائكة ومدادِهم وكتابة الأعمال.
وبعضهم على الدَّواة والقلم في الدُّنيا وما يكتبون بهما.
وقيل: هو قسم من اللَّه بنفسِه، وتقديره: وخالقِ القلم، {وَمَا يَسْطُرُونَ} يجوز أن يكون للمصدر، ويجوز أن يكون للمفعول.
* * *
(٢ - ٤) - {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}: هو المقسَم عليه؛ أي: لسْتَ يا محمَّد مجنونًا كما يقول مشركو مكَّة بهتانًا وعدوانًا؛ إذ كان اللَّه أنعم عليك بوفور العقل واستكمال خصال الخير ما لم ينعم على أحد من خَلْقه بمثله.
وهو كقوله: ما أنت بحمد اللَّه جاهلًا.
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ}: أي: غير مقطوع، وقيل: غير منقوص، وقيل: غير ممتنٍّ به عليك.
{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}: ولا مدحَ فوقَه، فما وصَفه اللَّه بالعظم مَن يدري نهايته؟
وهو تنزيهٌ له عن كلِّ عيبٍ يكون في الأخلاق، ووصفٌ بالتَّحلِّي بكلِّ محاسن الأخلاق.
وسُئلَتْ عائشة رضي اللَّه عنها: كيف كان خُلُقُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قالت: "كان خلقه القرآن" (١).
تعني: ما أدَّبه به القرآن، وأمَرَ اللَّهُ فيه به أهلَ الإيمان، من الاجتهاد في طاعة اللَّه
(١) رواه مسلم (٧٤٦).