{قَادِرِينَ} على المنع عند أنفسهم.
وقال سفيان: {عَلَى حَرْدٍ}؛ أي: على غضب وحقد على المساكين (١).
{فَلَمَّا رَأَوْهَا}: أي: فلمَّا أتوا الجنَّة ورأوها محترقة {قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ}؛ أي: قال بعضهم لبعض: إنَّا ضللنا طريقنا (٢)، فليسَتْ هذه هي.
وقيل: بل أرادوا: إنَّا لضالُّون عن الصَّواب؛ أي: في غدوِّنا على نيَّة منع المساكين، فلذلك عوقبنا بهلاكها.
{بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}: أي: تنبَّهوا أنَّهم ما أخطؤوا طريق بستانهم، وقالوا: ما ضللنا الطَّريق، لكنَّ اللَّه تعالى حرمَنا ثمارَها بسوء نيَّتنا، ويكون هذا اعترافًا بالذَّنب.
وقيل: بل أرادوا به: إنَّا مجارَفون (٣)، كالرَّجل يريد الشَّيء فلا يناله، فيقول: هذا من حرماني، لا يعترف بعقوبةٍ على جناية، بل يضيفه إلى عدم الجدِّ وحرمان الحظِّ.
* * *
(٢٨ - ٣٠) - {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ}.
قول: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ}: أي: أعدَلُهم وأنبلهم: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} قيل: هلَّا تعظِّمون اللَّه تعالى بتفويض الأمر إليه، والتَّبرِّي من الحول والقوَّة والتَّعليقِ بالاستثناء.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ١٧٨) بلفظ: "على حنق".
(٢) في (ف): "طريق جنتنا".
(٣) في (ف): "محارفون"، وفي (ر): "محارمون". والمثبت من (أ)، يقال: رجلٌ مُجَارَفٌ بفتح الراء: لا يَكسِبُ خيرًا، ولا يُنَمِّي ما لَه، كالمُحَارَف، بالحاء. انظر: "التاج" (مادة: جرف).