وقيل: أتأمرون الناسَ بالصَّدقة وأنتم تَضِنُّون (١).
وقيل: أتأمرون الناس بالصِّدق وأنتم تكذبون.
وقيل -وهو الأظهرُ والأشهر-: أتأمرون الناسَ بتصديق محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- واتِّباعه وأنتم تخالفونه.
ونزولُ الآية في علماء اليهود؛ فإنَّ الرجل منهم كان يقول لصهره وقريبه ورضيعه (٢) مِن المسلمين في السِّرِّ: الْزَموا دينَ هذا الرجل؛ فإنَّ ما يقوله حقٌّ، وكانوا لا يفعلون ما يَأمرون به كيلا تفوتَهم الرِّشوةُ والرئاسة، فنزلت الآية (٣).
وقيل: كانوا يقولون لفقرايهم الذين لا مطمعَ لهم فيهم بالسِّرِّ: آمِنوا بمحمَّدٍ -عليه الصلاة والسلام- فإنَّه حقٌّ، وكانوا يقولون للأغنياء: نرى فيه بعضَ علاماتِ نبيِّ آخِرِ الزمان دون بعضٍ، فانتظِروا استيفاءَها (٤)؛ لما ينالون منهم.
وقوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ} هذا استفهامٌ بمعنى التوبيخ والتهديد.
وقوله تعالى: {وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}: النِّسيان في اللغة نقيضُ الذُّكْر، والنِّسيانُ: التركُ أيضًا، والنِّسيانُ: التأخير أيضًا، والنِّسْيُ: ما سقط في منازل المرتحلين مِن رُذالِ أمتعتِهم، فيقولون: تتبَّعوا أنساءكم، هو جمع ذلك (٥)، قال الشاعر:
(١) الكلام بتمامه من "النكت والعيون" (١/ ١١٤).
(٢) في (أ): "ولقرينه ولرضيعه" وفي (ف): "ولقريبه ولرضيعه".
(٣) رواه الثعلبي والواحدي كما في "الدر المنثور" (١/ ٣٤٢) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وهو في "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٢٤) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، والكلبي متروك.
(٤) في (أ): "استيفاء"، وفي (ف): "الاستيفاء".
(٥) في (أ): "هو جمع نسي".