وقال قتادة رحمه اللَّه: {تَذْكِرَةً}؛ أي: عبرةً وآية، أبقاها اللَّه تعالى حتى نظرَتْ إليها هذه الأمَّة -أي: ألواح السَّفينة- وكم من سفينةٍ كانت بعد سفينة نوح عليه السَّلام تلاشَتْ فلم يبقَ لها أثر (١).
وقيل: {لِنَجْعَلَهَا}؛ أي: لنجعل فعلتَنا لكم تذكرةً.
وقال الفرَّاء رحمه اللَّه: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}؛ أي: كلُّ أذنٍ، ومعناها يحفظُها صاحبُ كلِّ أذنٍ واعيةٍ، ثمَّ يؤدِّيها إلى غيره (٢).
وعن عليِّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "إنِّي سألْتُ اللَّه تعالى أنْ يجعلَها أذنَكَ" (٣).
وقوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}: وهي النَّفخة الأولى حتَّى لا يبقى حيوان إلَّا مات.
* * *
(١٤) - {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}.
{وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}: أي: رفعتا عن موضعهما {فَدُكَّتَا} ثنَّى لأنَّ الجبال ذُكرَتْ (٤) جملةً، فصارت شيئًا واحدًا، وهو كقوله: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} الأنبياء: ٣٠.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٢٢١).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٨١).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٢٢٢)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٣٤٥) عن مكحول مرسلًا.
(٤) في (ف): "دكت".