وانتظام السُّورتين أنَّهما في ذكر يوم القيامة، وما فيه لأهل الكفر والإيمان من العقوبة والكرامة.
* * *
(١ - ٢) - {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ}.
وقوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١) لِلْكَافِرِينَ} قيل: أي: دعا داعٍ بعذابٍ واقعٍ للكافرين؛ أي: بعذابٍ لا محالة هو واقع بالكفَّار يوم القيامة.
وقيل: هذا الدَّاعي هو النَّضر بن الحارث بن كلَدةَ بن عبد الدَّار بن قصي حين قال: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} الأنفال: ٢٢ (١).
والباء في قوله: {بِعَذَابٍ} يجوز إدخاله في الدُّعاء، يقال: دعا بكذا.
وقيل: الباء زائدة، وتقديرُه: سأل سائل عذابًا واقعًا؛ أي: طلب طالبٌ عذابًا هو واقعٌ بالكافرين لا محالة، وهو منهم فسيقع به، وهو كقوله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} المؤمنون: ٢٠.
وقال الكسائيُّ: الباء بمعنى (عن)، كما في قوله: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} الفرقان: ٥٩، ومعناه: سأل هذا الكافر عن العذاب بمن يقع؟ فقال اللَّه تعالى: للكافرين.
وقيل: {سَأَلَ سَائِلٌ}؛ أي (٢): دعا داعٍ، لكن الدَّاعيَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أي: دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعذاب أن يوقعَه اللَّهُ تعالى بالكافرين، وهو واقعٌ بهم لا محالة.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ١٤٥) عن عطاء والسدي. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٧٣) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) في (أ): "بمعنى".