قوله: {لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ}؛ أي: لم يزددْ بسبب ماله وولده {إِلَّا خَسَارًا}؛ أي: في أمر الآخرة بترك صرفه إلى وجوه الخيرات.
و {وُلْده}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي بضم الواو، وعن أبي عمرو أنَّه فسَّره بالعشيرة (١).
وقرأ الباقون بفتح الواو واللَّام (٢)، وهو المولود (٣)، وأريد به الجمع والجنس هاهنا.
{وَمَكَرُوا}: أي: القوم، عطفٌ على قوله: {وَاتَّبَعُوا}، ويجوز أن يكون صفةَ {مَنْ لَمْ يَزِدْهُ}؛ لأنَّه جنس بمعنى الجمع، والمكر منهم غالبًا؛ أي: من الكبراء.
{مَكْرًا كُبَّارًا}: أي: كبيرًا؛ أي: احتالوا لصدِّ النَّاس عنِّي.
* * *
(٢٣) - {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}.
{وَقَالُوا}: أي: الرُّؤساء لأتباعهم: {لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ}؛ أي: أصنامكم على العموم.
{وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}: هذه الأصنام الخمسة على الخصوص، وهو كقوله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} البقرة: ٢٣٨، وقوله {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} الأحزاب: ٧.
قال ابن عبَّاس: كان الشَّيطان حمل قوم نوح على أن نحتوا خمسة أصنام وعبدوها، وهي هذه الخمسة، فلمَّا كانت أيام الغرق، دُفِنَتْ تلك الأصنام، فلم
(١) ذكره ابن عطية في "المحرر الوجيز" (٥/ ٣٧٥).
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٥٢)، و"التيسير" للداني (ص: ٢١٥).
(٣) في (ر): "وهو الولد المولود".