بعدهم فعبدوهم، وهو في الفترة التي كانت بين آدم ونوح، فبُعث إليهم نوحٌ فدعاهم إلى الإسلام (١).
وقال مجاهد رحمه اللَّه: كانوا رجالًا صالحين من قوم نوح، فلمَّا ماتوا وسوس الشَّيطان إلى قومهم: أن انصبوهم في مجالسهم التي كانوا يتعبَّدون فيها، وسمُّوهم بأسمائهم حتى يذكروهم، فلم تُعبَد حتى هلك أولئك، وعُبدَت بعد ذلك (٢).
* * *
(٢٤) - {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا}.
وقوله تعالى: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا}: أي: صاروا سببًا لضلال كثير من النَّاس، وجمع بالواو لأنَّهم وُصفوا بصفاتِ مَن يعقل، كما في قوله: {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} يوسف: ٤.
وقال في آية: {إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} إبراهيم: ٣٦ ردًّا إلى لفظ الأصنام، وهي جمع.
وقيل: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} راجع إلى رؤسائهم.
وقوله تعالى: {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا}: دلَّ هذا على أنَّ أفعال العباد مخلوقةٌ للَّه تعالى، وهذا السُّؤال كسؤال موسى عليه السَّلام: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا} يونس: ٨٨.
وقال الحسن: لم يدعُ نوحٌ بهذا الدُّعاء إلَّا حين أيسَ من إيمانهم بقوله تعالى: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} هود: ٣٦ (٣).
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٣٠٣) عن محمد بن قيس. ولعله محمد بن قيس بن مخرمة، وهو ممن روى عنه الطبري في "تفسيره".
(٢) روى نحوه البخاري (٤٩٢٠) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٤١٧) إلى أحمد في "الزهد" وابن المنذر وأبو الشيخ، =