وقيل: زاد الجنُّ الإنسَ (١) رهقًا؛ أي: صاروا سببًا لذلك، وتحقيقُه: أنَّ الإنس ازدادوا كفرًا وطغيانًا بما فعلوه من العَوذ بالجنِّ دون العَوذ باللَّه.
* * *
(٧ - ٨) - {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا}.
{وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ}: يقول اللَّه تعالى: وأنَّ هؤلاء الجنَّ ظنُّوا كما ظننتم معاشر الإنس {أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا}؛ أي: رسولًا إلى خلقه.
وقيل: أي: لن يبعث اللَّه أحدًا بعد الموت للحساب والجزاء.
يقول: إنَّ هؤلاء الجنَّ كانوا ينكرون المعادَ كإنكاركم، ثم بسماع القرآن اهتدَوا، فأقرُّوا بالرُّسل وبالمعاد، فاعملوا أنتم معاشرَ العرب كذلك.
وقال مقاتل رحمه اللَّه: لمَّا رجع مؤمنو الجنِّ إلى قومهم منذرين كذَّبوهم، وقال مؤمنو الجنِّ لكفارهم: {وَأَنَّهُمْ} يعنون كفَّار الإنس {ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ} يا معشر الجنِّ {أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا}؛ يعني: محمَّدًا رسولًا بعد عيسى (٢).
{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ}: قيل: أي: التَمَسْناها وطلبناها، وأردناها لاستراقِ السَّمع منها.
وقيل: أي: مسِسْنا السَّماء، وفي الخبر: أنَّ الشَّيطان يقفز قفزة فيَلْطأُ بالسَّماء (٣)؛ أي: يلصَق.
(١) في (ر): "زاد الجن والإنس"، وفي (ف): "زادوا الجن والإنس".
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٤٦٢).
(٣) لم أقف عليه.