وظاهر الآية يدلُّ عليه، أمَّا لو ثبت شيء قبل مبعثه ولكن في زمانه فهو لإيناس (١) أمره، فكان مختصًّا به.
* * *
(١١ - ١٢) - {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا}.
وقوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ}: أي: قالت الجنُّ: كان منَّا قبل استماع القرآن مؤمنون بالأنبياء المتقدِّمين، صالحون في الإيمان، متقدِّمون في عمل الخير.
{وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}: أي: مؤمنون دون الطَّبقة الأولى.
{كُنَّا طَرَائِقَ}: طريقة: جماعة (٢).
{قِدَدًا}: أي: فرقًا قطعًا مختلفين كفَّارًا ومؤمنين، وكاملين في الإيمان ما أحدثنا في إيماننا ما لم يكن في جنسنا.
ويدلُّ عليه أنَّه كان في زمن موسى وعيسى منهم مؤمنون، حتى قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} الأحقاف: ٣٠.
وهذا ترغيب منهم لمن رجعوا إليهم منذرين في الإيمان.
والقِدَدُ: جمع قِدَّة، وهي القطعة، من قَدَدْتُ السير؛ أي (٣): قطَعْتُه.
والمفسِّرون فسَّروا ذلك على اختلاف الأهواء، وبعضهم على اختلاف الملل.
{وَأَنَّا ظَنَنَّا}: أي: قد علمنا {أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: لن نفوته في
(١) في (ر) و (ف): "لأساس".
(٢) "طريقة جماعة" من (أ).
(٣) في (ر): "من قددت الشيء".