وقيل: الرَّسول في هذا: جبريل ونحوه، إذا أطْلعه اللَّه على غيبه وأمره بتبليغه إلى رسول البشر أصحبَه ملائكة يحفظونه حتى يبلِّغه إلى رسول (١) البشر من غير تغيير، كما رُوي في تشييع الملائكة جبريل في سورة الأنعام.
{لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ}: أي: ليَظْهرَ إبلاغُ الرُّسلِ قومَهم ما أُمروا بإبلاغه محفوظًا عن التَّغيير، والعلم كنايةٌ عن الظُّهور.
وقيل: أي: ليَعلم اللَّه ذلك موجودًا حال وجوده، كما كان يعلم ذلك قبل وجوده أنَّه يُوجَد، وقد مرَّت نظائرُه.
{وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ}: على القول الأوَّلى: وليَظهر ما عَلِم اللَّه بما عند الأنبياء من الوفاء بما حمِّلوا {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا}: وليظهر أنَّ اللَّه قد علم بعددِ كلِّ ذي علم، ولم يَخْفَ عليه شيء.
وقيل: ليعلم الرَّسول أنَّ الملائكة قد بلَّغوا إليه رسالات ربِّهم على الوجه.
وقيل: أي: ليعلم رسولُنا محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ سائر الرُّسل قد أبلغوا رسالات ربِّهم إلى أممهم كما بلَّغ هو إلى أمَّته، وقد سبق ذكره على الخصوص في قوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ}.
وقيل: أي: ليعلم إبليس، وهو غير مذكور صريحًا، لكن دلَّ عليه قوله: {رَصَدًا}؛ لأنَّهم يُرصدون عنه؛ أي: ليعلم هو أنَّ رسل اللَّه قد أبلغوا رسالات ربِّهم، {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ}؛ أي: حرس الرَّبُّ ما عندهم، {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا}؛ أي: علم كلَّ شيء بوجوهه ومقاديره.
(١) في (ف): "رسول اللَّه إلى".