وقيل: {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}؛ أي: قيامَ اللَّيل، فاعلةٌ بمعنى المصدر، كالخاطئة والكاذبة، وهي ما نشأ منك؛ أي: حدَث من القيام.
قال ابن عبَّاس وابن مسعود وغيرهما: {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}: قيام الليل (١).
وقال الخليل والكسائيُّ: {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}: أوَّل اللَّيل، والنَّاشئ: المبتدي (٢).
وقوله تعالى: {هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا}: قرأ أبو عمرو وابن عامر (٣): {وِطَاءً} بكسر الواو ومدِّ الألف، من المواطأة، وهي الموافَقة، وقد واطأتُه مواطأةً ووِطاءً، كما يقال: مارَيتُه مماراةً ومِراء.
وقرأ الباقون: {وَطْئًا} بفتحِ الواوِ وقصرِ الألف (٤)، مِن الوَطْء بالقدم؛ أي: قيامُ اللَّيل للصَّلاة أشدُّ ثقلًا على الإنسان، وهو أعظم للثَّواب، وهو من قولهم: اشتدَّتْ وطأة السُّلطان على الرَّعيَّة: إذا ثَقُلَ عليهم ما يحمِّلهم من المؤن.
وقيل: {أَشَدُّ وَطْئًا}؛ أي: أشدُّ ثباتًا من النَّهار، ولأنَّه يخلو باللَّيل عن الاشتغال فيتفرَّغ لهذا من بين سائر الأعمال.
وقال الفرَّاء رحمه اللَّه: {أَشَدُّ وَطْئًا}؛ أي: أثبتُ قيامًا (٥).
وقال أبو سعيد الضَّرير: أي: أثبتُ لقَدمه في الصَّلاة.
ولهذا وجهان:
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٣٦٦) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، ورواه الحاكم في "المستدرك" (٣٨٦٦) وصححه عن ابن مسعود رضي اللَّه عنهما.
(٢) انظر: "العين" للخليل (٦/ ٢٨٨)، ونقله عن الكسائيِّ الحربيُّ في "غريب الحديث" (٢/ ٨٧٩).
(٣) في (أ): "أبو عمرو وابن عبَّاس".
(٤) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٥٨)، و"التيسير" للداني (ص: ٢١٦).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٩٧).