وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا}؛ أي: إنَّ في الآخرة أغلالًا يُغلُّون أيمانُهم إلى أعناقهم في الحديد والسَّلاسل، {وَجَحِيمًا}: معظم النَّار، {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ}: الزَّقوم والضريع والغسلين، يستمسك في الحلق فلا يكادون يَسُوغونه (١).
وقال عطاءٌ الخراساني: يُجيعهم حتى يستغيثوا من الجوع، فيُطعَمون الزَّقُّوم والضريع والغِسلين، فيغصُّون بها، فيسألون الشَّراب، فيُسْقَون الحميم (٢).
وهذا كلُّه في حقِّ الذين قال تعالى: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ}.
وقال مقاتل بن حيَّان: هم المطعِمون يوم بدر (٣).
وهم عشرة من قريش ذكرناهم في سورة الأنفال (٤).
{وَعَذَابًا أَلِيمًا (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ}: أي: هذا العذاب لهم يوم تتحرَّك الأرض والجبال باضطراب شديد، وهي الزَّلزلة.
وقال الأخفش: أي: يقلع أصولها.
{وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا}: أي: رملًا مجتمعًا، ويُقال للشَّيء المجموع: كُثْبَة.
(١) نحوه في "تنوير المقباس" للفيروزآبادي (ص: ٤٩٠).
(٢) روى نحوه الترمذي (٢٥٨٦) من حديث أبي الدرداء رضي اللَّه عنه مرفوعًا. وقال: قال عبد اللَّه بن عبد الرحمن: (والناس لا يرفعون هذا الحديث).
وعبد اللَّه بن عبد الرحمن هو الدارمي صاحب "المسند"، وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (٧/ ٢٦٣): (هو وإن كان موقوفًا لكنه في حكم المرفوع فإن أمثال ذلك ليس مما يمكن أن يقال من قبل الرأي).
وقد تقدم الحديث عند تفسير قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} المؤمنون: ١٠٨.
(٣) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٨/ ٣٩٢).
(٤) انظر ما تقدم عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الآية الأنفال: ٣٦.