(١٤ - ١٦) - {وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا}.
{وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا}: أي: بسَطْتُ له في العيش، ومكَّنْتُ له في البلد الذي هو فيه مقبولَ القول، فيُرجَع إلى رأيه، ويُصدَر عنه أمره.
{ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}: أي: في ماله وولده وجاهه ونعمته، من غير شكر.
{كَلَّا}: أي: لا يكون هذا.
وقال الحسن: {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}؛ أي: أُدخلَه الجنَّة فأعطيَه مالًا وولدًا، كما قال: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} مريم: ٧٧: هو في حقِّه (١).
وقيل: {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}؛ أي: أتركَ ذلك في عقبه، وذلك أنه كان يقول: إنَّ محمَّدًا أبترُ ينقطع ذِكرُهُ بموتِه، ويبقى ذكري بأولادي، فاسمه اللَّه تعالى عن ذلك بقوله: {كَلَّا}.
{إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا}: أي: معاندًا مخالفًا، {كَانَ} إخبارٌ عن قديم معاندته.
* * *
(١٧) - {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}.
{سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}: قال أهل اللُّغة: {سَأُرْهِقُهُ}؛ أي: سأُغشيهِ مشقَّةً من العذاب.
وقال أهل التَّفسير: هو عقَبةٌ في النَّار يكلَّف صعودها.
وفي الخبر: أنَّه جبل في النَّار، يُؤمرون (٢) بارتقائه في جهنَّم، فإذا وضع الكافر يده عليه ذابَتْ، فإذا رفعها عادَتْ، وكذلك رجلُه (٣).
(١) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٧/ ٢٥٦)، والماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ١٤٠).
(٢) في (أ) و (ف): "يؤخذون".
(٣) رواه أسد بن موسى في "الزهد" (٢٠) من قول سعيد بن المسيب.
ورواه ابن المبارك في "الزهد" (٣٣٥ - زوائد نعيم)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (٣٣٩٨)، =