وروي: أنَّ الصَّعود طوله مسيرةُ سنة، يُصعد به فيه على وجهه، فإذا بلغ أعلاه انحطَّ إلى أسفله، يُكلَّف ذلك مرَّةً بعد أخرى (١)، ويُخرِج اللَّه له من تلك الصَّخرة ريحًا باردةً من فوقها ومن تحتها، تقطع تلك الرِّيحُ لحمَه وجلده أبدَ الآبدين، فكلَّما صعد انحطَّ، فإذا انحطَّ شرب من غير آنية.
* * *
(١٨ - ٢٠) - {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}.
{إِنَّهُ فَكَّرَ}: أي: في أمر النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
{وَقَدَّرَ}: في نفسه أنَّه يَظفَر بحجَّة يردُّ بها ما جاء به.
{فَقُتِلَ}: أي: فلزمَتْه الحجَّة، وضاق عليه الاحتيال، وقيل: خُزِيَ ولُعِنَ.
وقال الحسن: هو شتمٌ من اللَّه تعالى لهذا الكافر.
{كَيْفَ قَدَّرَ}: وذلك لأنَّه إذا قَدَّرَ أن يقول: هو شِعرٌ، وجدَه مخالفًا للشِّعر، وإذا قَدَّرَ أن يقولَ: هو كَهانة (٢)، وجده مخالفًا لها (٣)، ولم يتهيَّا له الصَّدُّ عنه من حيث قدَّر.
{ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}: ثم أعاد النَّظر عسى أن يتضح له ما لم يتفح أوَّلًا، فيستقيمَ له ذلك، فلم يتهيَّأ، {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}؛ أي: فخُذل أيضًا في هذه المرَّة، وخُزِيَ ولُعِنَ ولزمَتْه الحُجَّة.
وقيل: {فَقُتِلَ}؛ أي: استحقَّ عقابًا مستأصِلًا، وإنَّما كرَّر لأنَّ عقاب التَّقدير الثَّاني غيرُ عقاب التَّقدير الأوَّل.
(١) في (أ): "مرة".
(٢) في (أ): "كاهن".
(٣) في (أ): "للكهانة".