كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب: ٢١ وقال تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ} الأنعام: ١٥٧ وقال: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ} الأعراف: ٨٧.
والحاصل: أنَّ ما كان تأنيثه ليس بحقيقيٍّ فتأنيثُه وتذكيره جائزٌ إنْ تقدَّم أو تأخَّر، وكان بينهما حائلٌ أو لم يكن، وفي الحقيقيِّ يجوز تأنيثُها بكلِّ حالٍ، وتذكيرُها إذا تقدَّم الفعلُ وبينهما حائلٌ، ولا يَحْسُنُ بغير حائلٍ.
وقوله: {مِنْهَا} الهاء راجعةٌ إلى النفس التي ذُكِرت أولًا، وهي النفسُ المؤمنةُ التي لا تُقبل شفاعتُها في الكافر (١)، والشفاعةُ مصدرُ الشافعِ والشفيعِ، وهو طالبُ قضاءِ حاجةِ غيرِه، مأخوذٌ مِن الشَّفع؛ لأنَّه يشفعُ (٢) نفسَه بمن يَشفع له في طلب مراده.
والشُّفعةُ منها، وهي ضمُّ مِلكِ غيرِه إلى مِلكِ نفسِه.
ولا شفاعةَ في حقِّ الكافر؛ قال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} غافر: ١٨ وقال تعالى: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} الشعراء: ١٠٠ - ١٠١ والكفارُ يقولون ذلك حين يرونَ للمؤمنين شفاعةَ الشفعاء ومعونةَ الأصدقاء.
وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "شفاعتي لأهلِ الكبائر مِن أمَّتي" (٣)؛ فمَن (٤) كذَّبَ بها لم يَنلها.
وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} البقرة: ٢٥٥ وهو إثباتُ الشفاعة لمَن أَذن له بها.
(١) في (أ): "شفاعتها للكافرة".
(٢) في (ر): "شفيع".
(٣) رواه أبو داود (٤٧٣٩)، والترمذي (٢٤٣٥)، وابن ماجه (٤٣١٠)، من حديث أنس رضي اللَّه عنه. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(٤) في (أ) و (ر): "من".