ومَن حمله على القول باللِّسان قال: إنما قالوا ذلك لمن أطعموه ليُفْرِغوا قلبَه عن توهُّمِه أنَّهم يريدون منه ذلك.
* * *
(١٠) - {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}.
{إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}: أي: نخاف يوم القيامة أن يعاقبَنا اللَّه فيه.
{عَبُوسًا}؛ أي: شديدًا هائلًا تَعبِسُ فيه وجوه الكفَّار، وهو كقوله: {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} إبراهيم: ١٨؛ أي: تعصِفُ فيه الرِّيح.
وقيل: هو مجاز؛ لأنَّ السُّلطان إذا عبَسَ خِيْفَ، فيكون اليوم العَبوس هو اليوم المَخُوف.
{قَمْطَرِيرًا}؛ أي: شديدًا، ويُقال: وجهٌ قمطريرٌ؛ أي: منقبِضٌ من العُبُوس.
وقال الأخفشُ: هو أشدُّ ما يكون من الأيَّام، وأطولُه في البلاء (١).
وقال نفطويه: {عَبُوسًا}؛ أي: كريهًا، و {قَمْطَرِيرًا}؛ أي: منقبضًا لا فسحة فيه ولا انبساط.
وقال الخليل: {قَمْطَرِيرًا}؛ أي: شديدًا فاشيَ الشَّرِّ (٢).
واختلف النَّاس فيمَن نزلَتْ فيهم الآية، فأجراها أكثرهم على العموم في كلِّ بَرِّ موصوف بهذه الصِّفات الثَّلاث: {يُوفُونَ}، {وَيُطْعِمُونَ}، {وَيَخَافُونَ}.
وقال مقاتل بن سليمان: نزلت في رجل من الأنصارِ، أطعم في يومٍ واحد مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا (٣).
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٩٧).
(٢) انظر: "العين" للخليل (٥/ ٢٥٨).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٥٢٥)، وسمى الأنصاري: أبا الدحداح. وانظر: "تفسير الثعلبي" (١٠/ ٩٨).