وقيل: هي في بياض الفضَّة وصفاء القوارير، وكان معناها (١) كذلك كانت في علم اللَّه تعالى وسابق قضائه في نعيم أهل الجنَّة.
{قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا}: أي: هي مقدَّرة على مقدار ريِّ الشَّارب، لا يزيد ولا ينقص.
و (قدَّروا) فعلُ الطَّائفين، وصاروا مذكورين بذكر قوله: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ}، والهاء والألف في {قَدَّرُوهَا} كنايةٌ عن الآنية والأكواب.
وقيل: أي: على مقدار ما يشتهون حتى يستوفَى على الكمال.
وقيل: أي: قدَّروا الآنية على قَدْر أكفِّهم، لا يزيد فيثقُلَ، ولا يُفْرِط في الصِّغر فيُستحقَر.
* * *
(١٧ - ١٨) - {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا}.
{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا}: أي: ويُسقَى الأبرار {فِيهَا}؛ أي: في الجنَّة.
{كَأْسًا}؛ أي: خمرًا في إناء {كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا}: وذلك أنَّهم كانوا يستلذُّون من الشَّراب ما يُمزَج بالزَّنجبيل الطَّيِّبةِ رائحتُه.
قال المسيَّبُ بنُ عَلَسٍ يصف فم امرأة:
وكأنَّ طَعْمَ الزَّنجبيلِ بِهِ... إنْ ذُقْتَهُ وسُلافَةَ الخَمْرِ (٢)
ثم لزنجبيل الجنَّة من الفضل على زنجبيل الدُّنيا كفضل سائر ما في الجنَّة على ما في الدُّنيا.
وقيل: الزَّنجبيلُ: عينٌ يُمزَج بها شرابُ الأبرار.
(١) في (ر): "وكانت هاهنا"، وفي (ف): "وكانت معناها".
(٢) انظر: "الشعر والشعراء" لابن قتيبة (١/ ١٧٣)، وسلافة الخمر: أول ما يخرج من عصرها.