وقال قتادة: ذُكِر لنا أنَّ عبد اللَّه بن عمرو كان يقول: ما من أهل الجنَّة من إنسان إلَّا ويسعى عليه ألف غلام، كلُّ غلامٍ على عملٍ غيرِ ما عليه صاحبه (١).
{إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا}: أي: ظننتهم في حُسنهم وصفاء ألوانهم لؤلؤًا منثورًا؛ أي: مبدَّدًا مصبوبًا، ويكون ذلك دليل كثرتهم أيضًا، ودليل اجتماعهم وتفرُّقهم كاللُّؤلؤ إذا نثر.
وقال الثُّوريُّ: وأحسن ما يكون اللُّؤلؤ إذا نثر (٢).
وقال في صفة الحور العين: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} الصافات: ٤٩، والبيض يُتناول دون اللُّؤلؤ، فدلَّ أن الغلمان في الجنَّة ليسوا للتَّناول.
* * *
(٢٠) - {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا}.
{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا}: أي: وراء هذا الفضل نعيمٌ كثيرٌ لا يوصَفُ كثرته وجلاله.
و {ثَمَّ}: هنالك، وقيل: أي: ما هنالك.
{وَمُلْكًا كَبِيرًا}: قال الحسن رحمه اللَّه: هو أن يأتي الرَّسولُ من عند اللَّه بالهدية والكرامة، فلا يدخل على وليِّ اللَّه تعالى حتى يستأذِنَ، فيُؤذَن له، فيدخل عليه بثلاثة أشياء:
أحدها: أن يقول له: إنَّ ربَّك يقرأ عليك السَّلام.
= قال: مقرَّطون بالخَلَدة وهي القرطة.
(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١٥٨٠)، والطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٦٤٤) و (٢٣/ ٥٦٦).
(٢) روى الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٥٦٦) عن سفيان في قوله تعالى: {حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} قال: في كثرة اللؤلؤ وبياض اللؤلؤ.