وقال محمد بن علي التِّرمذيُّ: طهَّر قلوبهم مما يخامرها في الدُّنيا من الشَّحناء والبغضاء والبخل (١).
وقال الحسن بن علوية الدَّامغاني: سئل أبو زيد عن قوله: {شَرَابًا طَهُورًا}، قال: طهَّرهم به عن محبَّة غيره (٢).
وقيل: إن الملائكة يعرضون عليهم الشَّراب فيأبون قَبوله منهم، ويقولون: لقد طال أخذُنا من الوسائط، فإذا هم بكاسات تلاقي أفواههم بغير أكفٍّ (٣) من غيبٍ إلى عبدٍ.
وقال بعض أهل المعرفة: إنَّه شرابٌ ادَّخرَه اللَّهُ تعالى لأهل معرفتِه، فإذا شربوا طرِبوا، وإذا طرِبوا قاموا، وإذا قاموا هاموا، وإذا هاموا طاشوا، وإذا طاشوا عاشوا، وإذا عاشوا طاروا، وإذا طاروا طلبوا، وإذا طلبوا وجدوا، وإذا وجدوا نزلوا، وإذا نزلوا قربوا، وإذا قربوا كوشفوا، وإذا كوشفوا شاهدوا، وإذا شاهدوا عاينوا، وإذا عاينوا نسوا، وإذا نسوا (٤) أبصروا.
* * *
(٢٢ - ٢٤) - {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}.
{إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً}: أي: على أعمالكم.
{وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا}: أي: مقبولًا مَرْضيًّا عندنا.
(١) في (أ): "والغل". وهي ليست في (ت).
(٢) رواه الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١٠٥).
(٣) في (أ): "إلف".
(٤) في (أ): "وإذا عاينوا أنسوا وإذا أنسوا".