(١ - ٢) - {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ}.
وقوله تعالى: {عَمَّ}: أصلُه (عَنْ مَا) أُدغمَت النُّون في الميم، وحذفت الألف تخفيفًا في الاستفهام بكثرة الاستعمال، وهو كقولهم: بِمَ، ولمَ، وفِيْمَ، ومِمَّ، وإلامَ، وعَلامَ.
وهو استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ.
قوله تعالى: {يَتَسَاءَلُونَ}: أي: يسألُ بعضُهم بعضًا؛ يعني: المشركين.
{عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} له ثلاثة أوجه:
أحدها: هو إثباتٌ وبيانٌ للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِمَا عنه يتساءلون، يقول: يتساءلون عن النَّبأ العظيم، وهو كقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} غافر: ١٦: هذا استفهامٌ ثم قوله: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} غافر: ١٦: إخبارٌ وإثباتٌ.
والثَّاني: أنَّه استفهام آخر، بتقدير ألف الاستفهام فيه؛ أي: أَعَنِ النَّبأ العظيم، وهو كقوله: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} الأنبياء: ٣٤.
والثَّالث: أنَّه متَّصل بالأوَّل. وهو قول الفرَّاء، قال: معناه (١): عَمَّ تتحدَّثُ قريشٌ في القرآن، و {عَمَّ} في معنى: لأيِّ شيءٍ (٢).
وقوله تعالى: {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ}:
قال مجاهدٌ: أي: القرآن، كما قال: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} ص: ٦٧ (٣).
(١) في (أ): "وقوله" وفي (ر): "فإن معناه"، بدل: "قال معناه".
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٢٧).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٦).