وقيل: ماكثين فيها ما دامت الأحقابُ، وهي لا تنقطع، فكان معناه: لابثين فيها أحقابَ الآخرة وهي لا تنقطع (١)، كما لو قيل: أيَّام الآخرة، لكن ذكر الأحقاب أهولُ.
وقيل: إنَّ هذه أحقابٌ منقطعة؛ لأنَّها منكَّرة، ولا تَستغرِق، لكنَّها مدَّةُ ما ذُكِرَ بعدها:
* * *
(٢٤ - ٢٥) - {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا}.
{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا}: ثم بعد هذه المدَّة يُعذَّبون بعذاب آخر، وعلى هذا لا وقف عند قوله: {أَحْقَابًا}.
وقوله تعالى: {بَرْدًا}، قيل: بردًا يسكِّن عنهم (٢) حرَّها.
{وَلَا شَرَابًا}: يزيل عطشهم {إِلَّا حَمِيمًا}؛ أي: لكن ماءً حارًّا {وَغَسَّاقًا}: ماءً يسيل من أجساد أهل النَّار.
وقيل: {بَرْدًا}؛ أي: راحة، وتبرَّد (٣)؛ أي: استراح.
وقيل: أي: نومًا. قاله شَرِيكٌ ومعمَر والكسائيُّ وقطرب والفرَّاء (٤).
قال الفرَّاءُ: إنَّ النَّوم يُبْرِدُ صاحبَه، وإنَّ العطشان لينام فينتبه وقد زال حرُّ عطشه (٥).
وتقول العرب: منع البردُ البردَ (٦).
(١) "فكان معناه لابثين فيها أحقاب الآخرة وهي لا تنقطع" ليس في (أ).
(٢) في (ر): "عليهم".
(٣) في (أ): "وبرد".
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١١٧) عن الكسائي وأبي عبيدة، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٩/ ٨) عن مجاهد والسدي وأبي عبيدة وابن قتيبة.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٢٨).
(٦) انظر: "تفسير الثعلبي" (١٠/ ١١٧)، وشرح معناه بقوله: "أذهب البردُ النوم".