ربِّكم، وقيل: أي: في ذلك التَّعذيب منهم من التذبيح والاستحياء محنةٌ عظيمةٌ. وقد سبق ذكرهما فصحَّ صرف الكناية (١) إلى كلِّ واحدٍ منهما.
وفي إخبار النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك صدقُ دعوة (٢) الرسالة من الوجه الذي مرَّ، ودلَّت الآيةُ على فائدة الصَّبر.
* * *
(٥٠) - {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ}: الفرقُ: الفَصْلُ، والتَّفريقُ: التَّمييزُ؛ أي: واذكروا أيضًا مِنَّتي عليكم بأن جعلتُ لكم (٣) بحرَ النِّيل أفراقًا؛ أي: اثني عشر فرقًا، قال تعالى: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} الشعراء: ٦٣.
وقوله: {بِكُمُ} للباء وجهان:
أحدهما: لكم، و (٤) الباء قد تجيء بمعنى اللام، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} الحج: ٦ أي: لأنَّ اللَّه.
والثاني: أي: بدخولكم، فتكون الباء على حقيقتها.
والبحرُ سُمِّيَ به لاستبحاره؛ أي: اتِّساعهِ وانبساطِه.
وقوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاكُمْ}: أي: سلَّمناكم، وهو إنجاءٌ قبل الوقوع.
وقوله تعالى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ}: غَرِق في الماء من حدِّ: علم؛ أي: رَسَبَ
(١) في (أ): "الكناية".
(٢) في (أ): "دعواه".
(٣) "لكم": ليس في (ف) و (ر).
(٤) في (ف): "لأن".