وقال الحسن: {يَسَّرَهُ}؛ أي: بصَّره بطريق الهدى من الضَّلال (١).
وقال مجاهد: سبيل السَّعادة والشَّقاوة (٢).
قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلٌّ ميسَّر لِمَا خُلِقَ له" (٣).
{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}: أي: جعل له قبرًا.
وقيل: أمر الأحياء أن يقبروه، وقد قبرَ الحيُّ الميت يَقْبِرُه، من حدِّ (دخل يدخل)؛ أي: دفنَه، وأقبره اللَّهُ تعالى؛ أي: جعل له ذلك وأمر بذلك.
يقول: جعلَه ممَّن يُقبَر لا يُلقَى للسِّباع والطَّير، فيكونُ مكرَّمًا حيًّا ومَيْتًا.
{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ}: أي: يحييه للوقت الذي يشاء.
{كَلَّا}: قال الحسن: أي: حقًّا (٤).
وقيل: هو متَّصل بأوَّل الآية، وهو قوله: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}.
{كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ}: أي: لم يقضِ هذا الإنسان ما أمره اللَّه تعالى به من الإيمان والطَّاعة، فيستحقَّ التَّعظيم والتَّقديم.
و {لَمَّا} أصله: (لم) (٥)، و (ما) صلة، وأُدغمَت الميم في الميم.
وإنْ أُقرَّتْ هذه الآية على نظمها فمعناه: خلقه اللَّه تعالى فقدَّره، والسَّبيل يسَّره، وكذا وكذا؛ ليوحِّده ويعبده، ثمَّ هو لا يقضي ما عليه.
وقيل: {لَمَّا يَقْضِ}؛ أي: لم يفعل، كما قال: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} طه: ٧٢.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١١٢) بلفظ: " {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}: سبيل الخير".
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣/ ٣٩٣)، والطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١١٢).
(٣) رواه البخاري (٤٩٤٩)، ومسلم (٢٦٤٧)، من حديث علي رضي اللَّه عنه.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١٣٢)، والواحدي في "البسيط" (٢٣/ ٢٢٦).
(٥) في (أ) و (ف): "لم ما"، بدل: "أصله لم".