فهذه غالبُ المصادر التي نهَل منها المؤلِّفُ في هذا الكتاب، لكن ينبغي التنبيهُ إلى أنَّ ما نقله المؤلِّفُ عن هذه المصادر ليس سوى جزءٍ بسيطٍ من هذا التفسير، كما سيَظهرُ جليًّا من الفصل الآتي، وهوة
٢ - تفسير القرآن بالقرآن في هذا الكتاب.
التفسيرُ: هو البيان، قال ابنُ فارسٍ: الفاءُ والسِّينُ والراءُ كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على بيانِ شيءٍ وإيضاحه (١).
فمعنى تفسيرِ القرآنِ بالقرآن إذًا: بيانُ القرآنِ بالقرآن.
وتفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ ليس محصورًا بالبيان اللَّفظي، بل هو مطلَقُ البيان، فمتى استَفَدْنا بيانَ آيةٍ مِن آيةٍ أخرى مِن أيِّ وجهٍ فهو داخلٌ في هذا النوعِ من التفسير.
ومعلومٌ أنَّ آياتِ القرآن الكريم يفسِّر بعضُها بعضًا، ويوضِّح بعضها الآخرَ، فإنَّ القرآن الكريمَ قد اشتمَل على الإيجازِ والإطنابِ، والإجمالِ والتَّبيينِ، والإطلاقِ والتَّقييد، والعامِّ والخاصِّ، وما أُوجِزَ في موضعٍ بُسط في آخَرَ، وما أُجملَ في مكانٍ فصِّل في غيرِه، وما جاء مطلَقًا في آيةٍ قد يلحقُه التقييدُ في أخرى، وما كان عامًّا في مكانٍ قد يدخلُه التخصيصُ في مكانٍ آخرَ.
وكذلك نجدُ في قصصِ القرآنِ تأتي القصةُ في مكانٍ مختصرةً، ثمَّ تُفصَّل في موضعٍ آخَرَ، وقد يُذكَرُ في مكانٍ تفصيلٌ لا يُذكرُ في المكانِ الآخرِ، فعندما تُجمعُ المواضعُ التي عرَضت تلك القصةَ، وترتبطُ الأجزاءُ ببعضها، عند ذلك تكتمِلُ الصورة، وتصبحُ واضحةً لهذه القصَّة أو تلك.
فهذا هو تفسيرُ القرآن بالقرآن، لكنْ ليس هذا عملًا آليًّا لا يقومُ على شيءٍ من
(١) انظر: "مقاييس اللغة" (٤/ ٥٠٤).