وقرأ الباقون مشدَّدة (١)، فالتَّخفيف على أصل الفعل، والتَّشديد لكثرة المحالّ.
والسَّجْر في اللُّغة لشيئين:
- لِلْمَلْء؛ قال تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} الطور: ٦.
- وللإحماءِ؛ يُقال: سجَرْتُ التَّنورَ.
وفي الآية على هذا أقاويل:
قيل: {سُجِّرَتْ}؛ أي: يبسَتْ وغارَتْ مياهُها، فلم يبقَ فيها شيءٌ، كما أنَّ الجبال تسير فلا يبقى منها على وجه الأرض شيءٌ، فتستوي الأرض كلُّها، فلا تبقى الجبال ولا البحار.
والتَّنُّور إذا سُجِرَ نشف (٢) ما فيه من الرُّطوبة، فكأنَّها تُوقَد فتذهبُ مياهُها في الأرض.
وقيل: {سُجِّرَتْ}؛ أي: فاضَتْ ومُلِئَتْ بأن رفع اللَّه الحاجز، وهو ما قال: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} الرحمن: ٢٠، فتفجَّرَت المياه فعصَّتِ الأرضَ كلَّها. قاله الكلبيُّ وغيره (٣).
وقال الفرَّاء: {سُجِّرَتْ}؛ أي: أفضى بعضها إلى بعض (٤).
وقيل: {سُجِّرَتْ}؛ أي: أُوْقِدَتْ، ووجه ذلك: أنَّ طَبَق جهنَّم يُرفَع، فترتفع النَّار، فتفور المياه، فتمتلئ البحار نارًا.
وقيل: يموَّر الشَّمس في البحار فتصير نارًا.
قيل: هذه الستَّة قبل قيام السَّاعة.
(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٧٣)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٢٠).
(٢) في (ر): "يبس".
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣/ ٣٩٥)، والطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١٣٩).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٣٩).