قوله: {بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}: قسمٌ بالنُّجوم الخمسة، وهي المريخ وزُحَل وعُطَارِد والمُشْتري والزُّهَرة.
والخنَّسُ: جمع خانس، وقد خَنَسَ يَخْنُسُ خُنوسًا، من حدِّ (دخل)؛ أي: تأخَّر.
والكنَّسُ: جمع كانس، وقد كَنَسَ يَكْنِسُ كنوسًا، من حدِّ (ضرب)؛ أي: استتر.
سُمِّيَتْ بها لأنَّها ترجع في مجاريها وتستتر فيها.
وقيل: هي بالنَّهار خُنَّس كُنَّس؛ لأنَّها متواريةٌ فيه، مستترةٌ في الفلك وفي بيوتها منه.
وقيل: تَخْنُس؛ أي: تتأخَّر عن مطالعها في كلِّ عام في بعض الأوقات.
وهو قول عليٍّ والحسن وقتادة ومجاهد: أنَّها النُّجوم، والقسَم بها لمنافع العباد تعلَّقَتْ بها (١).
وقال ابن مسعود وإبراهيم: هي بقر الوحش (٢).
وقال ابن عبَّاس وسعيد بن جبير والضَّحَّاك: هي الظِّباء (٣). إذا رأيْنَ الإنس خنسْنَ؛ أي: انقبضْنَ (٤) وتأخَّرْنَ، وإذا أتين كِناسَهُنَّ كَنَسْنَ؛ أي: دخلْنَ واستترْنَ، وهي خلقٌ من خلق اللَّه تعالى، أقسمَ بها كما أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون.
والأوَّل أولى؛ لأنَّ النُّجوم أشبه باللَّيل، وقد ذُكِرَ ذلك بعدَه فقال:
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٥١٣) عن الحسن. ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١٥٢ - ١٥٤) عن علي رضي اللَّه عنه وأبي سعيد الخدري وبكر بن عبد اللَّه ومجاهد وقتادة والحسن وابن زيد.
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٥١٤) عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه. ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١٥٤ - ١٥٦) عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه، وإبراهيم، وأبي الشعثاء.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١٥٧) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما وسعيد بن جبير والضحاك.
(٤) "أي انقبضن" ليس في (أ).