{بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}: أي: بناحية مطلع الشَّمس، وهو مبين؛ أي: من جهته تُرَى الأشياء وتَظهر، فكان البيان واقعًا من جهتِه، فكان مُبِينًا.
{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ}؛ أي: على الوحي {بِضَنِينٍ}.
{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}: أي: القرآن، وما أخبر به في هذه السُّورة.
{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالظَّاء؛ أي: بمتَّهم، والظِنَّةُ: التُّهمة، وهي من الظَّنِّ.
وروَتْ عائشةُ عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قرأ بالظَّاء (١).
وقرأ الباقون: {بِضَنِينٍ} بالضَّاد (٢)؛ أي: ببخيلٍ فيكتمَه عنكم، وهو نعت محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- على قول المفسِّرين، ويصلح أن يكون نعتًا لجبريل، وقد سبق ذكرهما.
وقال مقاتل بن حيَّان: رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جبريل من قبل المشرق بأجياد وهو بمكَّة قد ملأ الأفقَ بكلكله، رجلاه في الأرض، ورأسه في السَّماء، جناحٌ له بالمشرق، وجناحٌ له بالمغرب، فغُشِيَ عليه فتحوَّل جبريل في صورة بني آدم، فقيل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا رجع: ما رأيناك منذ بُعِثْتَ أحسنَ منك اليوم، فقال: "جاءني جبريل في صورته، فعَلِقني (٣) هذا من حسنه" (٤).
وروى ابن شهاب: أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سأل جبريل عليه السَّلام أن يتراءى له في
(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٢٩٩٦)، وصححه، وتعقبه الذهبي فقال: إسحاق متروك. وهو إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة.
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٧٣)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٢٠).
(٣) في (ف): "فعلق بي".
(٤) ذكره مقاتل بن سليمان في "تفسيره" (٤/ ٤٠٦).