{كَلَّا}: أي: ليس كما تقولون: لا بعثَ ولا حسابَ ولا جزاء.
وقيل: ليس كما تقولون: إنَّكم محقُّون في عبادة الأصنام.
{بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}: أي: بالحساب، وقيل: بالجزاء يومَ القيامة.
{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ}: أي: ملائكةً يحفظون أعمالكم ويكتبونها، فتُخرج لكم يوم القيامة، فتحاسبون عليها وتجازَون بها.
{كِرَامًا}: أي: كرامًا على اللَّه بطاعته {كَاتِبِينَ}؛ أي: أعمالكم.
{يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}: أي: لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم، فيُثْبتونها، واللَّه تعالى أجرى أموره مع عباده على ما يعاملون به فيما بينهم؛ لأنَّ ذلك أبلغ في تقرير المعنى عندهم، فيُخرج لهم يوم القيامة كتابَ أعمالهم، وتشهد عليهم الملائكة بها، ثم جوارحهم، فيُقضَى عليهم بذلك إظهارًا للعدل.
وروى أبو صالح عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ الآية نزلت في أبي الأشدَّين (١): {مَا غَرَّكَ}: في كفرك {بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}: المتجاوِز عنك {الَّذِي خَلَقَكَ}: من نطفةٍ فسوَّى خلْقَكَ في بطن أمِّك {فَعَدَلَكَ}؛ أي: جعلَكَ معتدلَ القامة.
وقال الضَّحَّاك: إن كلدة ضرب النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فلم يعاقبه اللَّه تعالى، فبلغ ذلك حمزة فأسلم حميَّة لذلك، ثم أراد كلدة أن يعود لضرب النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزل اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أراد به: أنَّه لم يعاقبه {الَّذِي خَلَقَكَ} ولم تكُ شيئًا {فَسَوَّاكَ}؛ أي: فسوَّى أعضاءك {فَعَدَلَكَ}؛ أي: عدل خلقَكَ في العينين والأذنين والرِّجلين واليدين، ولم يجعله عضوًا واحدًا (٢).
(١) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ٢٢١)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ٤٥٨). وقاله مقاتل كما في "تفسيره" (٤/ ٦١٣).
(٢) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٥٣٢) عن مقاتل، وذكره الواحدي في "الوسيط" (٤/ ٤٣٤)، والرازي في "التفسير الكبير" (٣١/ ٧٢) عن مقاتل والكلبي.