(٥١) - {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ}.
وقولُه تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}: ذكَّرهم منّةً أخرى فيما أتبعوا المنَّة الأُولى بالجهل والبلادة؛ أي: واذكروا نعمتي على آبائكم بما وعدت موسى أن يأتيَ (١) الطُّورَ، فأنزلَ عليه التَّوراةَ التي فيها بيانُ ما يَحتاجون إليه، ففعلَ موسى، وأنجزتُه ما وَعدتُهُ، ولمَّا تأخَّر رجوعُه كفرَ آباؤكم بي، واتَّخذوا العجلَ إلهًا، فعفوتُ عنهم؛ إنعامًا عليهم.
ثمَّ قراءة أبي عمرو: {ووَعدنا موسى} (٢) بغير الألف (٣)؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى متفرِّدٌ بالوعد، وهو التَّرجيةُ بالخير، والمواعدةُ تكونُ بين اثنين، وغيرُه قرأ: "واعدنا" بالألف (٤) والمواعدة تكون وعدًا من اللَّهِ وقَبولًا من موسى عليه السلام، فاستقامَ على المفاعلة.
وقوله تعالى: {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} قال الأخفشُ وغيره: أي: انقضاءَ أربعينَ ليلةً، أو تمامَ أربعين ليلةً (٥)؛ لأنَّ وعدَ إنزال الكتاب (٦) بعد انقضاء هذه المدَّة، وهذا الاختصار معهودٌ، يقال: اليوم أربعون يومًا منذ خرج فلان؛ أي: تمامُ أربعين يومًا.
وقوله: {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}؛ أي: بأيَّامها، فإنَّ ذكر الأيام جميعًا (٧) يقتضي دخولَ
(١) بعدها في "ر": "إلى".
(٢) "موسى": ليس في (أ).
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ١٥٤)، و"التيسير" (ص: ٧٣).
(٤) في (ر): "قرأه بالألف" وفي (ف): "قرأ بالألف". والمثبت من (أ).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للأخفش (١/ ٩٧).
(٦) بعدها في (أ): "كان".
(٧) في (أ): "جمعًا".