مُدَّتْ}؛ أي: سُوِّيَتْ كمدِّ الأديم كما كانت أوَّل مرَّة، ولا جبل عليها ولا بناء ولا شجر، واستوت {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا} من الموتى {وَتَخَلَّتْ} (١).
* * *
(٦) - {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}.
{يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ}: هو خطابٌ (٢) للجنس.
{إِنَّكَ كَادِحٌ}: قال نفطويه: أي: كَادٌّ تَعِبٌ.
وقيل: أي: ساعٍ سعيًا شديدًا، وعاملٌ في دنياك عملًا تصير به {إِلَى رَبِّكَ} فيحاسبُك به، وهو معنى دخول: {إِلَى}، وتقديره: عملًا عاقِبتُه الرُّجوعُ إلى اللَّه به، وهي (٣) صلةُ السَّعي؛ أي: ساع إلى ربِّك بعملك.
{فَمُلَاقِيهِ}: أي: ملاقي كدحِكَ؛ أي: جزائه، أو ملاقي ربِّك، كما قال: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} الكهف: ١١٠، وقد سبق ذكر كلِّ واحد منهما؛ أي: فانظر بأيِّ عمل تلقاه؛ أي: فالقَه بعملٍ ينجيك، لا بعمل يُرديك.
وقيل: لقاء الكدح هو لقاء الكتاب الذي فيه كَتْبُ ذلك، يدل عليه أنَّه قال بعده:
* * *
(٧ - ٩) - {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا}.
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}: أي: كتاب أعماله.
{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}: وهو أن تُعرَض عليه أعماله، حسَنُها وسيِّئُها، فتُقبل منه الحسنات، ويُتجاوز عنه السَّيئات. كذا قاله الحسن (٤).
(١) نحوه في "تفسير مقاتل" (٤/ ٦٣٣ - ٦٣٤).
(٢) في (ف): "هو الخطاب" وفي (ر): "هذا الخطاب".
(٣) في (ر) و (ف): "أو هي".
(٤) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ٢٣٥).