وقال مقاتل: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ}: يعني: المكذِّبَ بالبعث، وهو الأسود ابن عبد الأسد (١).
وقال محمد بن كعب: نزلت في الحارث بن عمرو القرشيِّ، وكان كثير الصَّوم، شديد الاجتهاد، وفيه نزلت: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} (٢).
وقال مقاتل: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} يعني: أبا سلمة بن عبد الأسد، وهو أوَّل من هاجر إلى المدينة، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} يعني: أخاه الأسود، تُخلَع يده اليسرى، فتكون من وراء ظهره، فيُعطَى كتابه (٣).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}: هو أن يُسمِعَه خطابَه بلا واسطة، فيخفِّفُ عليه سماعُ خطابه ما يلقاه من لطيف عتابه.
وقيل: هو ألَّا يذكِّرَه ذنوبَه، لكن يقول له: ألم أفعل بك كذا؟ ولا يقول له: ألم تفعل كذا؟ يَعُدُّ عليه إحسانه، ولا يذكِّرُه عصيانه (٤).
* * *
(١٦ - ١٨) - {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}.
قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}: {لا}: رَدٌّ لقول الكفَّار، و {أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}؛ أي: الحمرةِ بعد غروب الشَّمس والبياضِ بعدها. هذا قول أكثر المفسرين.
وقال عكرمة ومجاهد: الشَّفقُ: النَّهار (٥)؛ لأنَّ الشَّفق أثرُ الشَّمس، والشَّمسُ للنَّهار.
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٦٣٤).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٦٣٤ - ٦٣٩).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٧٠٦).
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١٦٠)، والماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ٢٣٧)، والواحدي =