{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}: قيل: أي: غير منقوص.
وقيل: أي: غير مقطوع.
وقال مقاتل: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ}؛ أي: بالبعث والقرآن، نزلت في مسعود وحبيب وربيعة وعبد ياليل بن عمرو بن عمير.
وذلك أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أتاهم فعرض عليهم الإسلام، فقال له مسعود: واللَّه لا أكلِّمك أبدًا؛ لَئِنْ كنْتُ صادقًا لأَنْتَ خيرٌ من أن أكلِّمَكَ، ولئن كنْتَ كاذبًا لأنْتَ شَرٌّ من أن أكلِّمَكَ.
وقال حبيب: واللَّه لأسرقَنَّ باب (١) الكعبة إن كان اللَّهُ بعثَكَ نبيًّا.
وقال ربيعة: أَمَا وجدَ اللَّهُ عبدًا يبعثُه غيرَكَ؟
فأنزل اللَّه: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} من التَّكذيب في قلوبهم، فأسلم بعد ذلك ربيعة وعبد ياليل، فأنزل اللَّه فيهما واستثناهما فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي (٢): صدَّقوا بعد التَّكذيب، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ أي: الطَّاعات، {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ أي: غير منقوصٍ.
فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحمد للَّه الذي جعل في أمَّتي مثلَ الرَّجلين الذي ذُكِرا في الكهف، باع أحدُهما آخرته بدنياه فخسر وخسر، وباع الآخر دنياه بآخرته فربح وربح" (٣).
(١) في (أ): "كتاب"، وفي (ف): "ثياب حجاب". في "سيرة ابن هشام": (هو يمرط ثياب الكعبة). يمرطه: أَي يَنْزعهُ ويرمي به.
(٢) في (ف): "يعني".
(٣) لم أجده في "تفسير مقاتل"، وورد بعضه في "سيرة ابن هشام" (١/ ٤١٩)، لكن بسياق مختلف، وليس فيه أن هذه الحادثة سبب نزول هذه الآيات، ولا ذكر إسلام ربيعة وعبد ياليل وما بعده.