(١ - ٦) - {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}.
قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}: استفهامٌ بمعنى التَّقرير؛ أي: قد أتاكَ خبرُ القيامة (١) التي تَغْشَى النَّاس بالأهوال؛ أي: تجلِّلُهم، يعني: تَعمُّهم.
وقيل: أي: تأتيهم.
وقيل: {الْغَاشِيَةِ}: النَّار بهذه الصِّفة؛ قال تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} العنكبوت: ٥٥، وقال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} الأعراف: ٤١.
وقيل: {الْغَاشِيَةِ}: أهلُ النَّار الذين يغشونها؛ أي: يأتونها، والهاء للجماعة.
وقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ}؛ أي: ذليلةٌ لِمَا اعترى أصحابها من الخزي والهوان، خافضةٌ أبصارها، قال تعالى: {خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} الشورى: ٤٥، وقال: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} القمر: ٧.
{عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}: قال الحسنُ: أخشعَها اللَّهُ، وأعمَلَها وأنصبَها بمعالجة السَّلاسل والأغلال في النَّار، وهم قبلَ ذلك أيضًا قيام على أرجلِهم في عَرَصَات القيامة، عُراة ظمأى (٢).
وقيل: {خَاشِعَةٌ} يومَئذ {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} في الدُّنيا؛ أي: تعِبة.
وقيل: عملَتْ فلم تَنتَفع بعملها يوم القيامة، وتقديرُه: كانت عاملةً ناصبةً في الدُّنيا.
(١) في (ف): "الغاشية".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٣٢٨) بلفظ: (لم تعمل للَّه في الدنيا، فأعملها في النار).