وقيل: الفرقان: النصرُ على الأعداء، فرَّق به بين موسى وقومِه، وبين فرعون وقومِه، فأنجى هؤلاءِ وأهلكَ هؤلاء، وقال اللَّه تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ} الأنفال: ٤١ هو يومُ النصر، وهو يومُ بَدْر.
وقال القفَّال: ولعلَّ معناه أنَّ النصرَ إذا جاء ظَفِرَ أهلُ الحقِّ بأهل الباطل، فانفرقَ أحدُ الفريقين من الآخر، فعُرِف أنَّ هؤلاء محقُّون وهؤلاء مبطلون.
وقيل: الفرقانُ: الفرجُ مِن الكَرب؛ لأنَّهم كانوا مُستَعبدين، وقال تعالى: {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (١) أي: فرجًا ومخرجًا.
وقيل: الفرقان: انفلاقُ البحر لبني إسرائيل حتَّى عَبروا عنه على ما شرحنا.
وقيل: هو اسمُ القرآن، و (٢) معناه: آتينا موسى التَّوراة، وذكرنا له نزولَ القرآن على محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقيل: أي: آتينا موسى التَّوراةَ، ومحمَّدًا لفرقان؛ أي: القرآن، قال تبارك وتعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} الفرقان: ١، فأضمرَ كلمة؛ أي: محمَّدًا (٣)، وهذا كقوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ}، ثمَّ قال: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} البقرة: ٧، وفي قراءةِ بعضِهم: "غشاوةً" بالنصب (٤)، وعلى هذه القراءة يكون: (وجعل) مضمرًا، وقال: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ}؛ أي: وادعوا شركاءكم، وقال الشاعر:
(١) في (أ) و (ف): "نجعل".
(٢) في (أ): "وقيل".
(٣) قوله: "أي: محمدًا" ليس في (أ).
(٤) هي قراءة أبي حيوة، كما في "إعراب القرآن" للنحاس (١/ ١٨٦)، و"تفسير القرطبي" (١/ ٢٩٢)، ونسبها ابن مجاهد في "السبعة" (ص: ١٣٨ - ١٣٩)، وابن خالويه في "مختصر في شواذ القرآن" (ص: ١٠) للمفضل عن عاصم.