قال عروةُ بن الزُّبير رضي اللَّه عنه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى}: نزلَتْ في أبي بكر الصِّدِّيق رضي اللَّه عنه، وذلك أنَّه أعتق سبعةً (١) كلُّهم يُعذَّب في اللَّه: بلالًا، وعامرَ بن فُهَيرة، وأمَّ كباش النَّهديَّة، وابنتها، وزِنِّيرة، وأمَّ عُبيسٍ، وأَمَةَ بني المؤمِّل.
فأمَّا بلال فاشتراه وهو مدفون في الحجارة، فقالوا له: لو أبيْتَ إلَّا أوقيَّة لبعناك، فقال أبو بكر: لو أبيْتُم إلَّا مئة أوقيَّة لابتعْتُه.
فأمَّا زِنِّيرة كانت روميَّة لبني عبد الدَّار، فلمَّا أسلمَتْ عميَتْ، فقال المشركون: أعمَتْها اللَّات والعُزَّى، فقالت: كفرْتُ باللَّات والعُزَّى، فردَّ اللَّهُ تعالى بصرَها (٢).
وقوله تعالى: {أَعْطَى}: يتناول كلَّ وجوه الإنفاق في الخير فرضِها ونفلها.
وقيل: يتناول أيضًا أعطاءه من نفسه ما أمره اللَّه تعالى به، كما يُقال: أعطى البيعة، فيقع على الأفعال أيضًا.
{وَاتَّقَى}: أي: خافَ اللَّهَ، ولم يخالف أمرَه ولا نهيَه.
{وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}: قيل: هي الجنَّة، تأنيث الأحسن.
وقال قتادة: وصدَّق بموعود اللَّه، فعمل لذلك الموعود (٣).
(١) في (ر): "تسعة". وانظر ما سيأتي في تخريجه.
(٢) رواه ابن إسحاق كما في "السيرة النبوة" لابن هشام (١/ ٣١٨)، ويونس بن بكير في زياداته على "السير والمغازي" لابن إسحاق (ص: ١٩١)، والثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٢١٩).
وقوله: "أم عبيس"، وقع في (أ) و (ف): "أم عمير"، وفي (ر): "أم عميرة"، وفي "تفسير الثعلبي": (أم عميس)، والمثبت من "السيرة النبوية" و"السير والمغازي"، وهو الصواب. انظر: "الإكمال" (٦/ ٨٠)، و"أسد الغابة" (٧/ ٣٩٩)، و"الإصابة" (٨/ ٢٥٧).
وقوله: "أم كباش" في تسمية النهدية لم أقف عليه، والذي في المصادر: (النهدية وابنتها).
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣/ ٤٣٣)، والطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٤٦٤).